أطلق أسم (أطفال طهران) للدلالة على مجموعة من الأطفال البولنديين اليهود, الأيتام منهم بشكل عام الذين هربوا من الإحتلال النازي الألماني في بولندا. وجد هؤلاء الأطفال ملجئا مؤقتا في بيوت اليتامى والملاجئ في الإتحاد السوفييتي والتي تم لاحقا إجلاء عدة مئات من البالغين الى طهران في إيران قبل الوصول أخيرا الى فلسطين عام 1943.

بدأت قصة أطفال طهران في 1 سبتمبر عام 1939 عندما قامت ألمانيا بإجتياح بولندا. تبعا للإجتياح, هرب مئات الآلاف من اليهود البولنديين عبر الحدود الشرقية لبولندا متجهين الى الإتحاد السوفييتي. وهناك, انضموا هؤلاء الى أكثر من مليون من البولنديين المسيحيين والذين تم ترحيلهم في فترة ما بين بداية عام 1940 و منتصف عام 1941 بعد حملة سوفييتية للاعتقال والترحيل الجماعي الى سايبيريا و آسيا الوسطة السوفييتية للمواطنين البولونديين. وبسبب القصف والأوبئة والجوع والنزوح المتكرر من عام1939 الى عام 1941, يتم العديد من الأطفال البولنديين أو فقدوا ذويهم ومن ثم وضعوا في ملاجئ على مختلف أراضي الإتحاد السوفييتي.

بعد الإجتياح الألماني للإتحاد السوفييتي في 22 يونيو عام 1941, أرسل آلاف البولنديين اليهود عميقا الى الإتحاد السوفييتي والمزيد من الأطفال فرقوا عن عائلاتهم نتيجة لذلك. في أغسطس عام 1941, أطلقت الحكومة السوفييتية سراح عشرات الآلاف من معتقلي الحرب البولنديين وسمحت لهم بتأسيس جيش بولندي على الأراضي السوفييتية (الذي سمي جيش أنديرس تبعا للقائد الأعلى له, الجنرال فالديسلاف أنديرس).

بعد الإجتياح الألماني للإتحاد السوفييتي, قامت القوات البريطانية والسوفييتية باحتلال إيران. وفي أغسطس من عام 1941 تم إجبار شاه إيران ريزا شاه باهلافي, والذي حافظ على حيادية إيران, على التنازل عن العرش لابنه محمد ريزا باهلافي. كان الشاه الجديد متعاونا مع قوات الاحتلال الانغلو-سوفييتية و ساعد على تأسيس ترعة رئيسية جديدة للامدادات البريطانية والأمريكية للإتحاد السوفييتي. عرف هذا الخط الإمدادي بأسم "الرواق الفارسي". في عام 1942, تم نشر جيش أنديرس في ميناء باهلافي الإيراني (معروف اليوم بأسم بندري أنزالي). وصلت وحدات جيش أخرى عبر تركمنستان الى مشهد في إيران.

في عام 1942, خولت السلطات السوفييتية بتوطين 24000 مواطن بولندي وتجنيد لصالح جيش أنديرس من الإتحاد السوفييتي الى إيران. تم النقل في ربيع عام 1942 وامتد حتى صيف تلك السنة. من المعتقد أن 116.000 لاجئ بولندي وأفراد الجيش أندرس وصلوا إلى إيران, ويتجاوز هذا العدد المتفق عليه بكثير. كان ضمن المواطنين حوالي 1000 طفل يهودي أغلبهم يتيم. وهذه هي المجموعة التي عرفت بأسم أطفال طهران. سافر هؤلاء الأطفال من بيوت اليتامى والملاجئ في عدة أماكن من الإتحاد السوفييي. سافروا بواسطة القطارات من آسيا الوسطى السوفييتية الى كراسنوفودسك و من ثم بواسطة السفينة وصولا الى ميناء باهلافي في الشواطئ الغربية من البحر الكاسيبي. ذهب بعضهم من خلال بخارا الى كازان وأشكا اباد و من هناك الى باهلافي.

كان تدخل الوكالة اليهودية في فلسطين (وهي منظمة شبه حكومية خدمة احتياجيات المجتمع اليهودي خلال الانتداب البريطاني) هاما جدا في قصة أطفال طهران. فاوضت الوكالة اليهودية الحكومة البولندية في المنفى على أعداد اليهود الذين سيتم نقلهم الى إيران. عندما وصل المنقولون الى باهلافي تم مقابلتهم من قبل ممثلين من الوكالة اليهودية والذين ميزوا وفصلوا بين الأطفال اليهود والمسيحيين. رفض العديد من الأطفال الاعتراف على أنهم يهود وذلك نتيجة للجوع وللصدمة التي عاشوها سابقا. كانت أعمار الأطفال ما بين 1-18 سنة مع أن معظم الأطفال كانوا ما بين 7-12 سنة. عندما تجمع الأطفال في طهران, قام زعيم الصهاينة ديفيد بين غوريون وإلياهو دويكين بالمفواضة مع رئيس الوزراء البولندي ستانيسلوف كوت وبعض المسؤولين البريطانيين لتسهيل ادخال الأطفال الى فلسطين.

أسست الوكالة اليهودية مأوى لليتامى من الأطفال اليهود. سكن الأطفال اليهود البالغ عددهم 730 الذين وصلوا الى إيران من ابريل الى اغسطس عام 1942 في خيم نصبط على أراضي دستان تابي وهي كتيبة عسكرية سابقة تقع على أراض القوى الجوية الإيرانية في طهران. استقبل المعسكر الذي أطلق عليه أسم "بيت طهران للأطفال اليهود" العديد من المساعدات من المجتمع اليهودي المحلي ومنظمة حاداسة للنساء الصهاينة في الولايات المتحدة واللجنة الأمريكية اليهودية المتحدة للتوزيع وقسم الهجرة الفتية للوكالة اليهودية.

أخذ قادة الصهاينة الخبراء من فلسطين على عاتقهم مأوى الأطفال. وبعد وقت طويل من الصعوبة والتشرد والحجز في مآوى الأيتام, عانى العديد من الأطفال من أمراض خطيرة (غالبا مرض السل) وسوء التغذية ولكن تعافى العديد منهم في معسكر طهران.

حصل الأطفال أخيرا على شهادات تسمح لهم بالهجرة الى فلسطين وذلك نتيجة للمحادثات بين الوكالة اليهودية والقيادة البريطانية في فلسطين. وفي 3 يناير من عام 1943, سافر 716 من الأطفال, مع مرافقيهم البالغين والذين معظمهم من اللاجئيين, بواسطة الحافلة الى باندار شاهبور في الخليج الفارسي ومن هناك الى الى كاراتشي في باكستان. من كراتشي, سافر اللاجئيين بواسطة نورالي حول شبه الجزيرة العربية وخلال البحر الأحمر الى مدينو السويس المصرية. ثم عبر الأطفال صحراء سيناء بواسطة القطار وثم وصلوا الى معسكر أتليت للاجئين في شمال فلسطين في 18 فبراير عام 1943 حيث استقبلهم اليشوف (المجتمع اليهودي في فلسطين). وصل 110 من الأطفال بنقلة ثانية الى فلسطين من خلال العراق في 28 أغسطس عام 1943. وصل حوالي 870 من أطفال إيران الى فلسطين ككل ولاحقا استوطنوا في كيبوتزيم وموشافيم. توفى 35 من الأطفال إما كمدنيين أو كجنود في حرب إسرائيل للإستقلال في 1948-1949.