يعد مجمع محتشدات الاعتقال في "أوشفيتز" بمثابة أكبر المجمعات من نوعه، وقد تم تأسيسه في العهد النازي. يتضمن هذا المجمع ثلاثة محتشدات رئيسية تم زج المعتقلين فيها و إرغامهم على العمل الإجباري. كما تم تخصيص أحد هذه المحتشدات لفترة طويلة كأحد مراكز القتل.كانت هذه المحتشدات تقع تقريبًا على بعد 37 ميلاً غرب مدينة "كراكاو"، بالقرب من الحدود الألمانية البولندية فيما قبل الحرب في سيليسيا العليا، وهي المنطقة التي استولت عليها ألمانيا النازية عام 1939 بعد اجتياح واحتلال بولندا. وقد قامت سلطات وحدة القوات الخاصة بإنشاء ثلاثة محتشدات رئيسية بالقرب من مدينة "أوسفيانجيم" البولندية: "أوشفيتز الأول" في أيار/مايو 1940؛ و"أوشفيتز الثاني" (أيضًا يسمى "أوشفيتز-بيركيناو") في أوائل عام 1942؛ و"أوشفيتز الثالث" (أيضًا يسمى "أوشفيتز-مونوفيتز") في تشرين الأول/أكتوبر عام 1942.

كان مجمع محتشدات الاعتقال في "أوشفيتز" يخضع لإدارة التفتيش على محتشدات الاعتقال. وحتى آذار/مارس 1942، كانت إدارة التفتيش على محتشدات الاعتقال تعد إحدى الهيئات التابعة للمركز الرئيسي لوحدة القوات الخاصة(SS)، ومنذ عام 1941، كانت تابعة للمركز الرئيسي لعمليات وحدة القوات الخاصة(SS). وفي الفترة ما بين آذار/ مارس 1942 وحتى تحرير مدينة "أوشفيتز"، كانت إدارة التفتيش تخضع للمركز الرئيسي الاقتصادي-الإداري لوحدة القوات الخاصة(SS).

وفي تشرين الثاني/نوفمبر 1943، أصدرت وحدة القوات الخاصة (SS) قرارات إلزامية تقتضي بجعل كلٍ من محتشد "أوشفيتز-بيركيناو" ومحتشد "أوشفيتز-مونوفيتز" بمثابة محتشدات اعتقال مستقلة. وقد ظلَّ قائد محتشد "أوشفيتز الأول" قائد المواقع العسكرية للقوات الخاصة(SS) على كافة وحدات القوات الخاصة(SS) في "أوشفيتز"، وتم اعتباره القائد الأعلى بالنسبة للقادة الثلاثة. واستمر مركز وإدارة مراكز وحدات القوات الخاصة(SS)المعنية بالاحتفاظ بسجلات المعتقلين وإدارة توزيع العمل على المعتقلين من محتشد "أوشفيتز الأول". وفي تشرين الثاني/نوفمبر 1944، انضم محتشد "أوشفيتز الثاني" إلى محتشد "أوشفيتز الأول" من جديد. بينما تم تغيير اسم محتشد "أوشفيتز الثالث" إلى محتشد اعتقال "مونوفيتز".

وقد تقلد منصب قائد مجمع محتشدات اعتقال "أوشفيتز": المقدم في القوات الخاصة(SS)"رودولف هويس" في الفترة من أيار/مايو 1940 حتى تشرين الثاني/نوفمبر 1943؛ والمقدم في القوات الخاصة(SS)"أرثر ليبنشيل" في الفترة من تشرين الثاني/نوفمبر 1943 حتى منتصف أيار/مايو 1944؛ والرائد في القوات الخاصة(SS)"ريتشارد باير" في الفترة من منتصف أيار/مايو 1944 حتى 27 كانون الثاني/يناير 1945. بينما تقلد منصب قائد محتشد "أوشفيتز-بيركيناو" خلال فترة استقلاله (من تشرين الثاني/نوفمبر 1943 حتى تشرين الثاني/نوفمبر 1944) المقدم في القوات الخاصة(SS)"فريدريك هارتجين شتاين" في الفترة من تشرين الثاني/نوفمبر 1943 حتى منتصف أيار/مايو 1944 والنقيب في القوات الخاصة(SS)"جوزيف كريمير" في الفترة من منتصف أيار/مايو حتى تشرين الثاني/نوفمبر 1944. بينما كان قائد محتشد اعتقال "مونوفيتز" في الفترة من تشرين الثاني/نوفمبر 1943 حتى كانون الثاني/يناير 1945 النقيب في القوات الخاصة "هاينريتش شفارز".

منظر ثكنات المطبخ، والسياج المكهرب، وبوابة المحتشد الرئيسي في أوشفيتز (أوشفيتز 1)

أوشفيتز الأول

كان محتشد "أوشفيتز الأول"، الذي يعتبر بمثابة المحتشد الرئيسي، أول محتشد تم إنشاؤه بالقرب من "أوسفيانجيم". و بدأ تشييد هذا المحتشد في شهر أيار/مايو عام 1940 في إحدى ثكنات مدفعية الجيش البولندي المهجورة الواقعة في إحدى ضواحي المدينة. وعملت سلطات القوات الخاصة على استغلال المعتقلين في الأعمال الإجبارية(السخرة) بصفة مستمرة بغرض توسيع المحيط الفعلي للمحتشد. وخلال السنة الأولى لإنشاء المحتشد، قامت وحدة القوات الخاصة(SS) بالتعاون مع الشرطة بإخلاء منطقة تُقدر مساحتها بحوالي 40 كيلو متر مربع (حوالي 22 ميلاً مربع) "كمنطقة توسيع" تم تخصيصها حصراً للاستخدام من قبل المحتشد. وكان من بين المعتقلين الأوائل في محتشد "أوشفيتز" معتقلون ألمان تم ترحيلهم من محتشد اعتقال "زاكسن هاوزن" في ألمانيا، حيث كانوا مسجونين كمرتكبي جرائم متكررة، بالإضافة إلى معتقلين سياسيين بولنديين من مدينة "لودش" من محتشد اعتقال "داخاو" ومن تارنوف في مقاطعة "كراكاو" التابعة للحكومة العامة (Generalgovernment)(جزء من بولندا المحتلة من قبل ألمانيا لم يتم انضمامه إلى ألمانيا النازية، وكان يرتبط إداريًا ببروسيا الشرقية الألمانية، أو تم دمجه في الاتحاد السوفيتي المحتل من قبل ألمانيا).

ومثلما هو الحال مع أغلب محتشدات الاعتقال في ألمانيا، تم إنشاء محتشد "أوشفيتز" لثلاثة أغراض: 1) اعتقال الأعداء الحقيقيين والمُلاحَظين للنظام النازي وسلطات الاحتلال الألمانية في بولندا لفترة غير محدودة من الوقت؛ و2) توفير عمال السخرة لاستغلالهم في المشروعات المتعلقة بأعمال التشييد التابعة للقوات الخاصة(SS)(وفي إنتاج الأسلحة الحربية وغيرها من الأشياء المتعلقة بالحرب مؤخرًا)؛ و3) ليستخدم كموقع يتم فيه التصفية الجسدية لمجموعات صغيرة مستهدفة من السكان الذين يتم أخذ قرار تصفيتهم من قبل سلطات وحدات القوات الخاصة والشرطة باعتباره أمرًا ضروريًا لأمن ألمانيا النازية. وكالعديد من محتشدات الاعتقال الأخرى، يحتوي محتشد "أوشفيتز" على غرفة غاز للإعدام ومحرقة جثث. ففي البداية، قام مهندسو القوات الخاصة بإنشاء غرفة غاز لهذا الغرض دون إعداد مسبق في سرداب مجموعة مباني السجون، المبنى 11. وبعد ذلك تم بناء غرفة غاز دائمة للإعدام كجزء من المحرقة الأصلية في مبنى مستقل خارج مجمع مباني السجون.

في محتشد "أوشفيتز الأول"، قام أطباء وحدة القوات الخاصة بتنفيذ تجارب طبية في المستشفى في الثكنة العسكرية (المبنى) 10. وقاموا بإجراء أبحاث علمية دون أساس علمي على الأطفال والتوائم والأقزام، كما قاموا بإجراء تجارب لإصابة البالغين بالعقم والإخصاء القسري وتجارب إعاقة الحركة عن طريق خفض الحرارة بدرجة هائلة. وأشهر هؤلاء الأطباء كان النقيب الدكتور "جوزيف مينجيل".

وبين محرقة الجثث ومبنى التجارب الطبية يوجد "الحائط الأسود،" حيث يقوم الحراس بإعدام آلاف المعتقلين.

أوشفيتز الثاني

محتشد أوشفيتز 2 (بيركيناو)، صيف 1944

بدأ العمل في بناء محتشد "أوشفيتز الثاني"، أو "أوشفيتز-بيركيناو"، بجوار "بريزيزينكا" في شهر تشرين الأول/ أكتوبر 1941. ومن بين المحتشدات الثلاثة التي تم تأسيسها بالقرب من "أوسفيانجيم"، كان محتشد "أوشفيتز-بيركيناو" يضم العدد الأكبر من المعتقلين من السكان. تم تقسيم هذا المحتشد إلى أكثر من اثني عشرا قسمًَا يفصل بينها سياج من الأسلاك الشائكة، وعلى غرار معتقل "أوشفيتز الأول"، تم تزويده بحراس من وحدة القوات الخاصة(SS)، بما في ذلك – بعد عام 1942 – مدربي كلاب وحدة القوات الخاصة(SS). وكان المحتشد يحتوي على أقسام للنساء والرجال ومحتشد عائلي (للغجريين) من قبائل الروما المنفيين من ألمانيا والنمسا ومحمية "بوهيميا ومورافيا"، ومحتشد عائلي للعائلات اليهودية المنفية من حي اليهود "تيرزين شتات".

يحتوي محتشد "أوشفيتز-بيركيناو" أيضًا على المرافق اللازمة لاستخدامه كمركز للقتل. وقد لعب دورًا محوريًا في الخطة الألمانية لقتل يهود أوروبا. وخلال صيف وخريف عام 1941، تم استخدام غاز "زيكلون ب" في مجمع محتشدات الاعتقال الألمانية كأحد وسائل القتل. ففي شهر أيلول/سبتمبر، قامت وحدة القوات الخاصة(SS) باختيار غاز "زيكلون ب" في محتشد "أوشفيتز الأول" باعتباره أحد أدوات القتل الجماعي. وأدى نجاح هذه التجارب إلى الإقرار باستخدام غاز "زيكلون ب" في كل غرف الغاز المخصصة للإعدام في مجمع محتشدات "أوشفيتز". قامت القوات الخاصة(SS) في البداية بالاستيلاء على اثنين من بيوت المزارع بالقرب من "بيركيناو" بغرض استخدامهما كغرف غاز للإعدام. وتم بدء عمل غرفة الغاز "المؤقتة" الأولى في شهر كانون الثاني/يناير 1942، و توقف العمل فيها بعد ذلك. أما غرفة الغاز المؤقتة الثانية فبدأ تشغيلها من الفترة ما بين حزيران/يونيو عام 1942 إلى خريف عام 1944. واعتبرت القوات الخاصة(SS) هذه المرافق غير كافية بالنسبة لمعدل حرق المعتقلين بالغاز التي قامت بالتخطيط له في محتشد "أوشفيتز-بيركيناو". وتم تشييد أربع محارق ضخمة في الفترة بين آذار/مارس وحزيران/يونيو عام 1943 احتوت كل واحدة منها على ثلاث عناصر أساسية: منطقة التعرية، غرفة غاز ضخمة للإعدام، أفران محرقة الجثث. واستمرت القوات الخاصة(SS) في عمليات حرق المعتقلين بالغاز في محتشد "أوشفيتز-بيركيناو" حتى شهر تشرين الثاني/نوفمبر عام 1944.

الترحيل إلى محتشد "أوشفيتز"

حقائب تخص أشخاصًا تم ترحيلهم إلى محتشد أوشفيتز.

كانت القطارات تصل تباعًا إلى محتشد "أوشفيتز-بيركيناو" محملة باليهود المرحلين من كل بلد في أوروبا محتلة من قبل ألمانيا أو متحالفة معها. وبدأت دفعات الترحيل هذه في الوصول منذ عام 1942 حتى نهاية صيف 1944. ودلت التقارير أن عدد الأشخاص المرحلين من كل دولة هو كالآتي: المجر: 426000؛ بولندا: 300000؛ فرنسا: 69000؛ هولندا: 60000؛ اليونان: 55000؛ بوهيميا ومورافيا: 46000؛ سلوفاكيا: 27000؛ بلجيكا: 25000؛ يوغوسلافيا: 10000؛ إيطاليا: 7500؛ النرويج: 690؛ بلدان أخرى (متضمنة محتشدات الاعتقال): 34,000.

ومع الترحيلات القادمة من المجر، وصل دور محتشد "أوشفيتز-بيركيناو" أقصى فعالية باعتباره أحد وسائل خطة ألمانيا لقتل يهود أوروبا. وفي الفترة مابين أواخر شهر نيسان/أبريل وأوائل شهر تموز/يوليو 1944، تم ترحيل 440000 يهودي مجري تقريبًا، حيث تم ترحيل حوالي 426000 منهم تقريبًا إلى مدينة "أوشفيتز". وأرسلت القوات الخاصة 320000 منهم تقريبًا مباشرةً إلى غرف الغاز للإعدام في محتشد "أوشفيتز-بيركيناو" ووزعت حوالي 110000 في أعمال إجبارية في مجمع محتشدات اعتقال "أوشفيتز". وقامت سلطات الوحدات الخاصة بنقل العديد من عمال السخرة اليهود المجريين هؤلاء في غضون أسابيع من وصولهم إلى مدينة "أوشفيتز" إلى محتشات اعتقال أخرى في ألمانيا والنمسا.

وبشكل إجمالي، تم ترحيل حوالي 1.1 مليون يهودي إلى "أوشفيتز". وقامت سلطات الشرطة والوحدات الخاصة(SS) بترحيل 200000 ضحية أخرى تقريبًا إلى "أوشفيتز" بينهم 140000 إلى 150000 بولندي غير يهودي و23000 من قبائل "الروما وسينتي" (الغجريين) و15000 من أسرى الحرب السوفييت و25000 آخرين (من المدنيين السوفييت والليتوانيين والتشيك والفرنسيين واليوغوسلاف والألمان والنمساويين والإيطاليين).

وكان القادمون الجدد إلى محتشد "أوشفيتز-بيركيناو" يخضعون لمرحلة اختيار. غير أن المسئولين في القوات الخاصة قرروا أن الأغلبية غير ملائمة لأعمال السخرة وقاموا بإرسالهم في الحال إلى غرف الغاز للإعدام، والتي كان يتم الإعلان عنها كغرف مجهزة للاغتسال لتضليل الضحايا. وجرى مصادرة ممتلكات هؤلاء الذين وضعوا في غرف الغاز للإعدام وتصنيفها في مستودع "كندا" لشحنها بالسفن إلى ألمانيا. فقد كانت كندا تمثل الثروة بالنسبة للمعتقلين.

تم قتل ما لايقل عن 960000 يهودي في "أوشفيتز". ومن بين الضحايا الآخرين حوالي 74000 بولندي و21000 من قبائل الروما (الغجريين) و15000 أسرى حرب سوفييت ومن 10000 إلى 15000 من جنسيات أخرى (من المدنيين السوفييت والتشيك واليوغوسلاف والفرنسيين والألمان والنمساويين).

في السابع من شهر تشرين الأول/ أكتوبر 1944، قام عدة مئات من المعتقلين الذين وقع الاختيار عليهم للدخول في محرقة محتشد "أوشفيتز-بيركيناو" بالثورة بعد ما علموا أنهم كانوا سيذهبون لملاقاة حتفهم. وخلال الثورة، قتل المعتقلون ثلاثة حراس وفجروا المحرقة وغرفة الغاز المجاورة. وقد استخدم المعتقلون موادًا متفجرة قام بتهريبها إلى محتشد النساء اليهوديات اللاتي تم تعيينهم في أعمال السخرة في أحد مصانع الأسلحة القريبة. غير أن الألمان قاموا بسحق الثورة وقتل كافة المعتقلين المتورطين في الثورة تقريبًا، وتم شنق النساء اليهوديات اللاتي قمن بتهريب المواد المتفجرة إلى داخل المحتشد على الملأ في أوائل شهر كانون الثاني/يناير 1945.

واستمرت عمليات الحرق بالغاز حتى شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1944، وهو الوقت الذي قامت فيه القوات الخاصة(SS) بناءً على أوامر من "هيملير"، بإيقاف غرف الغاز التي كانت لا تزال تعمل. وقامت القوات الخاصة(SS) بتدمير ما تبقى من منشآت الحرق بالغاز عند اقتراب القوات الروسية في شهر كانون الثاني/يناير 1945.

أوشفيتز الثالث

صورة جوية لمحتشد أوشفيتز 3 (مونوفيتز)، الذي كان مجاور ا لمصنع آي جي

تم تأسيس محتشد "أوشفيتز الثالث"، والذي يطلق عليه أيضًا "بونا" أو "مونوفيتز"، في شهر تشرين الأول/أكتوبر 1942 لإقامة السجناء المعينين للاشتغال في أعمال المطاط الصناعي في "بونا"، الواقعة في ضواحي مدينة "مونوفيتز" البولندية. وفي ربيع 1941، قامت شركة "آي جي فيربان" الألمانية بتأسيس مصنع عَمد مديروه إلى استغلال عمال محتشد الاعتقال لتنفيذ مخططاتهم لتصنيع الوقود والمطاط الصناعي. وقد استثمرت شركة "آي جي فاربين" أكثر من 700 مليون فرنك ألماني (حوالي 1.4 مليون دولار أمريكي في غضون عام 1942) في محتشد "أوشفيتز الثالث". وفي الفترة من أيار/مايو 1941 حتى تشرين الأول/أكتوبر 1942، قامت القوات الخاصة بترحيل المعتقلين من محتشد "أوشفيتز الأول" إلى "وحدة احتجاز "بونا" في البداية سيرًا على الأقدام وبعد ذلك بواسطة السكك الحديدية. ومع بناء محتشد "أوشفيتز الثالث" في خريف عام 1942، تم نقل المعتقلين الموزعين في بونا إلى للإقامة في محتشد "أوشفيتز الثالث".

و كان محتشد "أوشفيتز الثالث" يتضمن كذلك ما يعرف بمحتشد تعليم العمال للمعتقلين من غير اليهود ممن لوحظ بأنهم قاموا بانتهاك نظام العمل الذي فرضته ألمانيا.

محتشدات "أوشفيتز" الفرعية

وفي الفترة بين عامي 1942 و1944، قامت سلطات الوحدات الخاصة بتأسيس عدد 39 محتشداً فرعيًا في مدينة "أوشفيتز". وقد تم تأسيس بعضها داخل منطقة "التوسيع" المعينة رسميًا، بما في ذلك "بودي" و"راجيسكو" و"تشيكويتس" و"هارمنس" و"بابيتز". بينما كانت تقع محتشدات أخرى، مثل "بليكهامر" و"جلايفيتز" و"ألثامر" و"فورشتينجروبي" و"لورايوتي" و"أينتراخثويتي" في سيليسيا العليا شمال وغرب نهر "الفيستولا". وكانت بعض المحتشدات الفرعية تقع في "مورافيا"، مثل "فرويدنتال" و"بروين" (برنو). وبوجه عام، فإن المحتشدات الفرعية التي كانت تقوم بإنتاج ومعالجة البضائع الزراعية كانت تابعة لمحتشد "أوشفيتز-بيركيناو" من الناحية الإدارية؛ أما المحتشدات التي كانت تضم المعتقلين الموزعين للأعمال الصناعية وإنتاج الأسلحة أو صناعات الاستخراج (على سبيل المثال, استخراج الفحم، أعمال المحاجر) كانت تتبع محتشد "أوشفيتز-مونوفيتز" من الناحية الإدارية. وبعد شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 1943، أصبح تقسيم المسؤليات الإدارية يتم بصورة رسمية.

وتم توزيع نزلاء محتشد "أوشفيتز" على مزارع ضخمة، من بينها المحطة الزراعية التجريبية في "راجيسكو". وتم إجبارهم أيضًا على العمل في مناجم الفحم والمحاجر ومصايد السمك، وعلى وجه الخصوص في صناعات الأسلحة مثل "هيئة صناعة الأجهزة الألمانية" التابعة للقوات الخاصة (المؤسسة في عام 1941). وقد كان المعتقلون يخضعون لمرحلة الاختيار من حين لآخر. فإذا قررت القوات الخاصة(SS) بأنهم مرضى أو ضعفاء للغاية بحيث لا يقدرون على الاستمرار في العمل، يتم ترحيلهم إلى محتشد "أوشفيتز-بيركيناو" لقتلهم.

تم تسجيل المعتقلين المعينين لأعمال السخرة ووضع وشم بأرقام تعريف هويتهم على الذراع الأيسر في محتشد "أوشفيتز الأول". و كان يتم تعيينهم فوق ذلك لأعمال سخرة في المحتشد الرئيسي أو في أي مكان آخر في مجمع المحتشدات، بما فيها من محتشدات فرعية.

تحرير مدينة "أوشفيتز"

تحرير محتشد أوشفيتز 

في منتصف شهر كانون الثاني/يناير 1945، بينما كانت القوات السوفيتية تقترب من مجمع محتشدات اعتقال "أوشفيتز"، بدأت القوات الخاصة(SS) في إخلاء "أوشفيتز" والمحتشدات الفرعية. وقامت القوات الخاصة(SS) بإجبار ما يقرب من 60000 معتقل على السير غربًا من مجمع محتشدات "أوشفيتز". وتم قتل الآلاف في المحتشدات خلال الأيام التي سبقت بداية مسيرات الموت هذه. وتم إجبار عشرات الآلاف من المعتقلين، معظمهم من اليهود، على السير إما إلى الشمال الغربي لمسافة 55 كيلو متر (تقريبًا 30 ميلاً) إلى "جليفيس" (جلايفيتز)، وانضم إليهم بعض المعتقلين من المحتشدات الفرعية في سيليسيا العليا الشرقية، مثل "بيسماركخوتي" و"ألثامر" و"هيندينبرج"، أو إلى الغرب مباشرة لمسافة 63 كيلو متر (تقريبًا 35 ميلاً) إلى "وودزسلاف" (لوسلاو) في الجزء الغربي من سيليسيا العليا، ومعهم نزلاء من المحتشدات الفرعية الواقعة جنوب "أوشفيتز"، مثل "جافيشويتس" و"تشيكويتس" و"جولليشاو". وكان حراس القوات الخاصة(SS) يطلقون النار على أي معتقل يسقط وراءهم أو لا يستطيع الاستمرار. وعانى المعتقلون أيضًا من الطقس البارد و الموت جوعًا وما يتعرضون إليه خلال هذه المسيرات حيث مات 3000 معتقل على الأقل في الطريق إلى "جليفيس"؛ وربما يصل عدد المعتقلين الذين لقوا حتفهم أثناء مسيرات الإخلاء من "أوشفيتز" والمحتشدات الفرعية إلى 15000 معتقل.

وعند الوصول إلى "جلافيس" و"وودزسلاف"، تم وضع المعتقلين في قطارات شحن باردة وترحيلهم إلى محتشدات الاعتقال في ألمانيا، وبخاصة "فلوسنبرج" و"زاكسن هاوزن" و"جروس روزين" و"بوخين فالد"، وأيضًا إلى "ماو تهاوزين" في النمسا. وقد استغرقت رحلة القطارات عدة أيام. وبسبب انعدام الطعام أو المياه أو المأوى أو الأغطية، مات العديد من المعتقلين أثناء الترحيل.

وفي أواخر شهر كانون الثاني/يناير 1945، أجبر الضباط في القوات الخاصة والشرطة 4000 معتقل على إخلاء "بليكهامر"، أحد المحتشدات الفرعية التابع "لأوشفيتز" سيرًا على الأقدام. بينما قتلت القوات الخاصة(SS) حوالي 800 معتقل أثناء السير إلى محتشد الاعتقال "جروس روزين". وقتل أيضًا الضباط في القوات الخاصة(SS) ما يقرب من 200 معتقل تركوهم ورائهم في "بليكهامر" كنتيجة لمرضهم أو محاولاتهم الناجحة للبقاء على قيد الحياة. وبعد فترة تأخر وجيزة، قامت القوات الخاصة(SS) بترحيل حوالي 3000 معتقل في "بليكهامر" من "جروس روزين" إلى محتشد اعتقال "بوخين فالد" في ألمانيا.

وفي 27 كانون الثاني/يناير 1945، دخل الجيش السوفيتي "أوشفيتز" و"بيركيناو" و"مونوفيتز" وقام بتحرير ما يقرب من 7000 معتقل، أغلبهم كانوا مرضى وعلى وشك الموت. و بلغت التقديرات بأن القوات الخاصة(SS) والشرطة قامت بترحيل 1.3 مليون شخص إلى مجمع "أوشفيتز" كحد أدنى في الفترة من 1940 وحتى 1945. ومن بين هؤلاء، قامت سلطات المحتشد بقتل 1.1 مليون شخص.