ولد أوسكار شندلر في 28 أبريل 1908 بمدينة سفيتاو بمورافيا التي كانت في تلك الفترة مقاطعة تابعة للمملكة المجرية ـ النمساوية. نظرا لعرقه الألماني وديانته الكاثوليكية بقي بسفيتاو فترة ما بين الحربين حاملا الجنسية التشيكية بعد ضم مورافيا لجمهورية تشيكوسلوفاكيا التي ظهرت حديثا سنة 1918.

بعد مزاولة لتعليمه بعدد من مادرس التجارة بمدينة برنو وجوازه من أملي بيلتسل سنة 1928 اشتغل شندلر مهننا متعددة واشتغل أيضا بضيعة والده لتجارة الآلات بسفيتاو ثم فتح مدرسة لتعليم قيادة السيارات بسومبرك وقام ببيع أملاك الحكومة ببرنو. كما اشتغل داخل الجيش التشيكوسلوفاكي, وفي سنة 1938 بلغ رتبة وكيل عريف بجيش الاحتياط. بدأ شندلر عمله داخل مكتب المخابرات العسكرية الخارجية بالجيش الألماني سنة 1936. في فبراير 1939 أي خمسة أشهر بعد أن ضمت ألمانيا زوديتنلاند انضم شندلر للحزب النازي. بما أنه كان رجل أعمال ناجح باحثا عن الأشياء الراقية في الحياة بدى شندلر مرشح غير مرغوب فيه ليتحول بعد ذلك إلى منقذ في فترة الحرب. أنقذ شندلر أكثر من ألف يهودي من الترحيل إلى أكبر مركز القتل بألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية.

بعد غزو واحتلال بولندا من قبل الألمان تحول شندلر إلى مدينة كراكوف قادما لها من سفيتاو في أكتوبر 1939. اغتنم شندلر فرصة برنامج ضمي وأرينة (أي نقل الملكية للأفراد من الجنس الآري) ممتلكات وتجارة اليهود والبولنديين بالحكومة العامة فاشترى مؤسسة "ريكورد" المحدودة وهي مصنع لمصنوعات المينا ثم حول زراعته لتأسيس المينا والمعروفة بإماليا في نوفمبر 1939. بينما أدار شندلر مصنعين بكراكوف فإنه شغل في إماليا عمالا يهودا كانوا يقتنون قرب أحياء كراكوف. وفي أحسن حالاتها سنة 1944 شغّل مصنع إماليا 1.700 عاملا كان من ضمنهم 1.000 يهودي أجبروا على العمل الشاق بعد أن تم تحويلهم من قبل الألمان عندما ألغي الغيتو كراكوف بمارس 1943 وتم نقلهم لاحقا إلى محتشد كراكاوف بلاسوف.

رغم أن ظروف السجناء الذي اشتغلوا بإماليا كانت قاسية بمحتشد بلاسوف فإن شندلر تتدخل باستمرار باسمهم عبر ديبلوماسيته الشخصية ليضمن حسن عيش اليهود المهددين, ـ حتى أواخر 1944 ويضمن عدم نقلهم من قبل قوات الأمن الخاصة. لكي يبرر أهمية العمال اليهود في جهود الحرب زاد جزء آخر في إماليا من صناعة الأسلحة. عندما تم إلغاء الحي اليهودي بكراكوف في مارس 1943 سمح شندلر لعماله اليهود بالمبيت داخل مصنعه.

بعدما قامت قوات الأمن الخاصة بجعل بلاسوف محتشدا في أغسطس 1943 أقنع شندلر قوات الأمن الخاصة ليحول إماليا جزءا من بلاسوف. إضافة إلى الألف اليهودي الذين كانوا يشتغلون بمصنعه سمح شندلر لـ 450 عامل يهودي بمصانع أخرى قريبة بالعيش دالخ مصنع إماليا لينقذهم بذلك من الوحشية والقتل المتعمد الذي كان جزءا من الحياة اليومية داخل بلاسوف. لم تكن أعمال شندلر هذه بدون خطر أو ثمن: لقد أدت حمايته لعماله اليهود إلى اتهامه من قبل قوات الأمن الخاصة والشرطة بالفساد وبتقديمه للمساعدات الغير قانونية لليهود. تم سجنه ثلاث مرات من قبل الشرطة وقوات الأمن الخاصة عندما كان يملك إماليا لكنهم لم يتمكنوا من إدانته.

في أكتوبر 1944 وعندما حولت قوات الأمن الخاصة يهود إماليا إلى بلاسوف تمكن شندلر من الحصول على ترخيص لتحويل زراعته إلى برونليتس بمورافيا وإعادة فتحها حصريا كمصنع للسلاح. أخرج أحد مساعديه نسخا متعددة لقائمة تضم حول 1.200 سجين يهودي ليشتغلوا بمصنعه الجديد وكانت هذه القائمات تعرف بـ "قائمة شندلر". توافقت مطالب قوات الأمن الخاصة مع رغبات شندلر ليضعوا برونليتس كفرع لمحتشد غروس روزن فسهل بذلك نجاة حولي 800 رجل يهودي حولتهم قوات الأمن الخاصة من بلاسوف عبر غروس روزن إلى برونليتس وحولي 300 إلى 400 امرأة يهودية من بلاسوف عبر أوشفيتز.

رغم تصنيفه كمصنع للسلاح فإن برونليتس كانت تنتج حمولة شاحنة واحدة من الذخيرة الحية خلال ثمانية أشهر. وبواسطة تقديمه لأمثلة من انتاجه المزيف فقد برر شندلر وجود مصنعه كفرع للمحتشد لصنع الأسلحة مساهما بذلك في نجاة أكثر من ألف يهودي وإنقاذهم من الوحشية والرعب داخل المحتشد. غادر شندلر برونليتس في 9 مايو 1945 عندما حررت القوات السوفيتية المحتشد.

بعد الحرب استقر شندلر وزوجته أملي بمدينة ريغنسبورغ بألمانيا حتى سنة 1949 ثم هاجرا بعد ذلك إلى الأرجونتين. سنة 1957 انفصلا عن بعضهما البعض بدون طلاق فرجع شندلر وحيدا إلى ألمانيا. سنة 1962 منح ياد فشيم جائزة "الصالحين من بين الأمم" اعترافا له بالجميل وجهوده لإنقاذ اليهود خلال المحرقة, وتم توسيم أملي سنة 1993.

توفي شندلر بألمانيا فقيرا ومجهولا في أكتوبر 1974. وبإلحاح وطلب من العديد الذين تم انقاذهم من قبله وقع تمويل نقل جثمانه إلى إسرائيل. في 1993 قدم متحف ذكرى الهولوكوست ميدالية لذكرى شندلر. كانت هذه الميدالية الشرفية تُمنح للأعمال الرائعة خلال الهولوكوست وذكرى القضية اليهودية. تقبلت إملي شندلر الميدالية باسم زوجها السابق بحفل أقيم ببهو المتحف.

كسبت قصة شندلر الاعتمام بفضل الشريط السينمائي "شندلرس ليست" 1993 لستيفن سبيلبورغ معتمدا على رواية مشابهة لطوماس كينيلي 1983 التي تقص حياة وأعمال شندلر. تحصل الفيلم على اعتراف شعبي هام.